أعظم خطاب في التاريخ

أعظم خطاب في التاريخ

 

 



يعتبرها البعض أعظم خطبة في التاريخ ، لم يراها الكثيرين ولكن عندما تسمعها لا تتركك إلا وأنت متأثراً بها ، تمنحك إنطباع أنها تخص هذه الأيام ، لم يلقها قائد ولا زعيم ولا ثائر ، ولكنها خرجت من شفاة ممثل كوميدي هزلي ، لم يكن الخطاب في مناسبة خاصة ، ولكنه كان ضمن أحداث الفيلم الكوميدي "الديكتاتور العظيم" من أخراج وتمثيل شارلي شابلن والذي تم إنتاجه منذ ٧١ عاما وبالتحديد عام ١٩٤٠ ، قبل عام من دخول الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية ، ورشح الفيلم لجائزة أوسكار أحسن فيلم وأحسن سيناريو وأحسن ممثل

الفيلم هو القصة التقليدية التي تقوم على شخصتين متشابهين والمفارقات التي تنبع من تشابهما وإختلاف شخصياتهما ، أحدهما يعمل حلاق يهودي الديانة والأخر "إدانويود هينكل" زعيم ديكتاتوري لدولة "تومانيا" وهو دور يشابه الزعيم النازي هتلر ، بعد سلسلة من الأحداث والمفارقات الطريفة والغريبة وقبل نهاية الفيلم يتم إستدعاء الحلاق شبيه الزعيم للعاصمة ليلقي خطبة للجنود بدلاً من الزعيم الديكتاتور ، فكانت خطبة إرتجالية عفوية ولكنها أصبحت من أروع الخطب ، محتوى الكلمات هام ومؤثر وسوف أنقله مترجماً ، ولكن الخطاب ليس دائماً محتوى فقط ، الخطابة فن وأهم مافيها فن الإلقاء كيف تخرج الكلمات ، كيف تظهر التعبيرات ، متى يرتفع الصوت ومتى ينخفض طبقا للمعنى ، متى يكون بطيئاً ومتى يكون متعجلاً حماسياً ، فيعطي التأثير المطلوب ، وهذا مابدا واضحا في الجزء الثاني عندما بدأ يوجه خطابه إلى الجنود ، أما الجزء الأول وفي محاولة منه كي يتغلب على الموقف فنجد فيه طبقة الصوت ثابته كي تمنحه الثبات والثقة في أن يقول مايريده

وجدت مونتاچ لڤيديو الخطاب أرفقه مع الترجمة بالأسفل ، ولاحقا في نهاية التدوينة الڤيديو الأصلي دون مونتاچ وكلاهما رائع


الخطاب




أنا آسف ولكني لا أريد أن أكون إمبراطوراً ، فهذا ليس شأني ، لا أريد أن أحكم أو أقهر أحد ، ولكني أحب أن أساعد الكل ما أمكنني ذلك ، يهودي أو غير يهودي ، أسود أو أبيض ، كلنا يجب أن نساعد بعضنا البعض ، فهكذا بدأت الإنسانية

كلنا نريد أن نحيا حياة سعيدة بجانب سعداء آخرين لا بجانب بؤساء أشقياء آخرين ، لا نريد أن يكره ويحتقر ويبغض كل منا الآخر ، في هذا العالم يوجد متسع لكل شخص والأرض غنية وتكفي الجميع ، طريقة حياتنا يمكن أن تكون حرة وجميلة ولكننا فقدنا الطريق

لقد طورنا السرعة ولكننا لم نتحرك ، الماكينات التي تمنحنا الرفاهية تركتنا محتاجين ، العلم جعلنا مختالين ومحتقرين للآخرين ، مهارتنا قاسية ونستخدمها بوحشية ، نفكر كثيرا ونشعر نادراً ، أكثر من الماكينة نحن نحتاج للإنسانية ، أكثر من المهارة نحتاج للتعاطف والمودة ، بدون ذلك ستصبح الحياة أكثر عنفاً وسنضيع جميعا

الطائرة والراديو جعلتنا أكثر قرباً من بعض ، إكتشاف هذه المخترعات كانت لرفاهيتنا جميعاً ، لتقربنا أكثر ولتجعل حياتنا أكثر إخاءاً ، ولتوحدنا جميعا في هذا العالم ، صوتي الآن يصل لملايين الناس حول العالم ، ملايين من المحبطين رجالا ونساءاً وأطفالاً ، ضحايا النظام الذين يُعَذّبون والبريئون الذين يعتقلون ، لهؤلاء الذين يصل لهم صوتي أقول لهم : لا تُحبطون

البؤس والشقاء الذي نحياه الآن نتيجة الجشع والنهم ، والمرارة التي يشعر بها من يعيش في الخوف من تطور البشري ، الكراهية لدى الناس ستختفي والزعماء القمعيين سيموتون ، والقوة التي تم سلبها من الشعوب ستعود لهم ، ومهما مات الناس لن تموت الحرية

أيها الجنود .. لا تسلموا أنفسكم للغاشمين ، الذين يحتقرونكم ويستعبدونكم ، ويعسكرونكم ويأمروكم بما تفعلون ، بما تفكرون وبما تشعرون ، يدربونكم ويمتصون دمائكم ويعاملونكم كالحيوانات ، كعلف للمدافع

لا تمنحوا أنفسكم لهؤلاء المهووسين ، لهؤلاء أصحاب الآلة ذوو العقول المميكنة والقلوب المميكنة ، أنتم لستم ماكينات ، أنتم لستم قطيع ، أنت آدميين ، تملكون حب الإنسانية في قلوبكم ، لا تجعلوا للكرْه المذموم مكاناً ، فقط إكرهوا عدم المحبة ، فقط عدم المحبة وكل ماهو غير آدمي

أيها الجنود : لاتحاربوا من أجل عبوديتكم ، حاربوا من أجل حريتكم

في الإصحاح السابع عشر كتب القديس لوقا : مملكة الرب تكون في وجود الإنسان ، ليس رجل واحد ولا مجموعة أشخاص ، ولكن كل الناس ، أنتم جميعكم

أنتم أيها الناس من تملكون القوة ، القوة التي تخترع الماكينات ، القوة التي توجد السعادة ، أنتم أيها الناس من تملكون القوة التي تجعل حياتكم حرة وجميلة ، تجعل الحياة مغامرة جميلة ، ثم وبإسم الديمقراطية دعونا نستخدم هذه القوة ، لنتحد جميعنا ، لنثور من أجل عالم جديد ، عالم محترم يعطي لنا الفرصة أن نعمل ، يمنحنا المستقبل والأمان ، ولكن بوعد زائف لتحقيق تلك الأشياء وصل الطغاة للسلطة ثم خدعونا ، لم يوفوا بعهودهم ولن يوفوا ، الطغاة يحررون أنفسهم ولكنهم يستعبدون شعوبهم ، لذلك يجب أن نثور من أجل عالم حر ، لنجد طريقا بين الحواجز الدولية ، ننهي به الجشع والكراهية والتعصب ، لنثور من أجل عالم منطقي ، حيث يقود فيه العلم والتقدم حياتنا لسعادة جميع البشر

أيها الجنود .. بإسم الديمقراطية .. فلنتحد جميعاً


*****************************